في قانون القوّة هو القوة ، وفي منطق الأولوية هو الأول وفي قضيّة المُتعة هو كُل المُتعة ، وفي نظرية السّيادة هو زعيم القارة العجوز ، وإن أردتموها بإختصار هو الأول والبقيّة تأتي .
ولأولوية ميلان التي أقصدها حكاية أعمق بكثير من مُجرد أفكار سطحيّة ، ومراحلَ تخطيناها والميلان منذُ سنين طويلة حتى وصل الفارق بينهم وبين الميلان بأن تحوّل مع تقدم السّنين إلى عائق ، أنهى من خلاله الميلان كُل حوار حول مفهوم الأولوية وبقيّة الغير !
ومن هذا المُنطلق المنطقي الذي فرضه علينا وعليهم واقع ميلان الجميل كان من اللائق نظاميّاً أن يكون الهرم الأعلى كروياً لمُميز وحيد ، فالسّاحة لن تتسع إلاّ للميلان الذي غيّر المفهوم العام عند الرّياضيين للكُرة والسّيادة في آن معاً .
وسيادة وزعامة ميلان تكونت عبرَ مواقف مرّت وكأنها سلسلة من الخدع السينمائيّة ، تناوب على تشخيصها واقعاً رأيناه وسمعنا بهِ نجوماً كانوا ولا زالوا رموزاً تُستعادُ ذكراهم كُلما عادت بنا الذّاكرة إلى ماضي ميلان الجميل .
أحبتي ..
ليس شرطاً أن يفوزوا ليصبحوا أفضل من الميلان ، ولن يتاخروا إن خسروا من الرّوزينيري ، ولن يكونوا الأقوى بمُجرد تحقيق بطولة أو أخرى ، وأما كيف سيصلون لقامة وزعامة ميلان فذاك هو السّؤال الذي يجب عليهم أن يتيهون في أعماقه ، وحتى يستنتجون الإجابة عليه دعونا نعرج للوافدة الجديدة لمتحف الإعجازات وهي " السّوبر الأوربي " .
كنتُ مُدرك تمام الإدراك أن أشبيليه لن يكون كعنفوان ليفربول ، وشراسة مانشستر ، وكنتُ واثقاً بأن الميلان سيحضر بشموخه وكبريائه ، وبالتّالي فإن الخسارة إن حدثت لـ أشبيليه " وحدثت " لن تكون نهاية المصير لظاهر الكُرة الأسبانية مؤخراً ، كون أندية عريقة سبقت أشبيليه كثيراً في هذا المجال كالبايرن ، والمان ، والليفر حدث لها المصير نفسه في العام نفسه ، وما حدث كان مُجرد أستمرارية لأفضلية ميلان المُطلقة على جميع أندية أوربا .
فاز أشبيليه على الرّيال بالخمسة ، وبرّشلونه بالثّلاثة واكتسح هُنا وهُناك ، وكان مُميزاً بتنظيمه ، وتجانس وتفاهم لاعبيه ، ولكنهُ عندما حضر لمُجابهة الرّوزينيري فهذا يعني بأن كُل عوامل التّميز التي تسلّح بها أشبيليه ستزول بمُجرد نزول نجوم الميلان لأرض الملعب ، فلا تميز يفوق تميز الميلان ، ولا قوة أراها أعتى من قوةِ نجوم الرّوزينيري .
في مساء مدينة موناكو الصّاخب كان لزاماً على كأس السّوبر الأوربيّة أن ترضخ للواقع ، وتترك مُناطحة الحقيقة ، لتكون جنباً بجنب مع توأمها كأس دوري الأبطال في أحضان الميلان حيث الأمان والعنفوان ، ضدان مُتفقان ، وهو أمان يحظى به ذاك الجمهور الذي صنع الأبهار ، وعنفوان يزداد في الميلان وبه يروض شتى البطولات لتتهاوى وتسقط بهدوء أمام قوة وجبروت الرّوزينيري .
في مساءِ مدينة موناكو ، لم يكُن أشبيليه سوى محطةِ تأكيد على أفضليّة ميلان المُطلقة في كُل شيء ، ففي نصف قرن من الزّمان كان الميلان هو الأول أوربيّاً ، والبقيّة تأتي ، وعندما أقول البقيّة ضعوا ما شئتم من الأسماء ، كبيرها وصغيرها ، ولا ضير في ذلك ، ولن نختلفَ معهم في استحقاق هذا أو ذاك ، والسّبب أن الميلان يقف على هرم الكُرة الأوربية حالياً ، فلا صوت يعلوا على صوت الرّوزينيري .
في مساء موناكو الجميل ، دخل أشبيليه بقوّةِ ، وسيطر على مُجريات الشّوط الأول ، مُتخذاً من أسلوب الضّغط على حامل الكُرة سلاحاً فعالاً له ، ونجح جزئيّاً في ذلك بأن عزل فنيات نجوم الميلان الفردية جانباً ، فتقدم ، وهدد أكثر من مرّة لينتهي الشّوط الأول وسط تفوق فني ، ونتائجي للأسبان .
وفي الشّوط الثّاني ، حضر كبرياء وشموخ ميلان ، فكان من البديهي أن يكون للمنطقية حضور ، ليُعدل المُبدع والمُنقذ إنزاجي النّتيجة بكُرة رأسية رائعة كروعة وجمالية عرضية جاتوزو المُتقنة ، وبعدها بدقائق ، مارس بيرلو مُهارته عندما قام بإرسال تمريرة عالية لتتهادى على قدم يانكلوفسكي اليُسرى ، وبدوره عالجها في المرمى بطريقة رائعة أعلنت تقدم ميلان بهدفين في ظرف ربع ساعة من زمن الشّوط الثّاني .
بعد ذلك سيّر الرّوزينيري المُباراة كيفما شاء ، فنقلَ وتناقلَ لاعبوا الميلان الكُرة بسهولة وإتقان شديدين ، دون السّماح لـ لاعبي أشبيليه بإمساك زمام الأمور ، نظراً للخطورة الكبيرة يصنعها الفريق الأسباني إن سُنحت له الفرصة ، واستمر نسق اللّقاء كما سبق ، حتى أتت الدّقيقة 85 وفيها مارس بيرلو مهارته المُميزة مرةً أخرى ، عندما أرسلها طولية جميلة للقادم من الخلف كاكا ليُسيطر بالفطرةِ عليها كما هي عادة البرازيليين ويراوغ المُدافع الأسباني ، الذي أعاقه داخل المنطقة المُحرّمة ، ليُعلنها الحكم ضربة جزاء ، عالجها كاكا على دفعتين المرمى الأسباني كهدف ميلاني ثالث .
في هذا الأختبار الصّعب ، ظهرَ الميلان بشكلِ رائع ، وقدم كُرة هجوميّة رائعة ، ونجح في أختبار أشبيليه بتفوق ، حيثُ عدّل نتيجة اللّقاء بعدما كان مُتأخراً ، وتقدم ، ولم تظهر على أفراد الفريق علامات اليأس ، أو التأثر بتقدم الأسبان ، بل عادلوا وعدلوا النّتيجة ، وسيطروا ، وفعلوا بالمُباراةِ ما يريدون وتلكَ هي شخصيّة الفريق البطل التي نُريدها .
في هذه المُباراة ، وبعد إصابة جاتوزو ، دخل أميرسون وحقق أول بطولة له مع الميلان في أول لقاء وفي نصف شوط لعبه مع الفريق فقط ، وتلكَ هي القيمة الحقيقية التي يتميّز بها الميلان ، فتتبدل الأسماء ، وترحل أجيال ، وتأتي أخرى ، ويبقى الميلان قائماً وحاضراً بسطوتهِ ، لا يعترف بإسم هذا أو ذاك ، يحضر بالأسماء المتوفرة لديه ، مؤكداً أن القضيّة بإستمراريته في تحقيق البطولات ليست بسبب نجم أو غيره ، بل القضيّة لمن يلعب هذا النّجم ، وهذا هو سر تفوق ميلان في السّنوات الأخيرة .
آه من هذا الميلان .. !
أحياناً أشعرُ بالذّنب تجاه ما يفعلهُ بخصومهِ ، لماذا لا يمنحهم حق الفرح ولو قليلاً ، ولماذا لا يجعلهم يُشاطرونه البطولات التي يُحققها بإستمرار في حين ظلّ الآخرون عاجزون لسنوات وسنوات ، كم هو كبير كونه لا ينظر لمن هُم أقل منه فيتفاخر عليهم ، بل هو كبير لأنه ينظر للأعلى ويظل ينشد النّجاح و كأنه باحثاً جديداً عنه ، وبتلكَ الخاصية فقط يبقى ميلان صديق قديم وجديد للبطولات .
ميلان لم ينتهي من تحقيق البطولات ، وكأس السّوبر هي إحدى فصول الرّواية التي لن تنتهي ، والهدف القادم لنادي الميلان هو السّعي لتحقيق كأس العالم للأندية ليكون أول نادي أوربي يُحقق هذه البطولة المُنتظرة .
من أفضل ما قرأت منقوول
النـــادرة Admin
عدد الرسائل : 124 تاريخ التسجيل : 08/02/2008
موضوع: رد: مـن يـجـرؤ عـلـى الـمـيـلان ؟ الجمعة مارس 07, 2008 2:08 pm